-->



    حين ضَربوا مُعلِمَهُم تحتَ أوامرَ تعسفيةً ممن يَصِفُ نفسه بجندي إلديا المُخلِص الذي كان أول أمرٍ يأمرهم به ضَرب مُعلِمِهِم الذي كان يَشحَذُهم للمستقبل .
    وحين انحازوا لصَفِ فلوك أدركوا أنهم مجردُ قصاصاتٍ مِنَ الورق تتقاذفهم رياح الحرب المستعرةِ لا يملكون جدوى في المعركة و لا خبرةً للتعامل مع عملاقٍ ينساب إليهم وهُم في ذهول .
    فقد أوعز إليهم قائدُ الأغرار أن تعاليم كيث ليست سوى غبارٍ عتيقٍ مِنَ الماضي وأنه قد آن لهم أوانُ نفضه .
    في مواجهةِ العملاق يَكتَشِفون أنَ خِطاباتِ فلوك الرنانة ليست سوى غبارٍ يذروه الرياح ، وأنَّ ما وصفه فلوك بالغبارِ القديم كانت وسيلةَ نجاتهم ، حينها هَبَ مُعَلِمُهُم الذي داسوه بأقدامهم ليَرفع نظراتِهم إليه رافعين رؤوسهم للأعلى .
    حينَ تَخلى عنهم فلوك كان كيث يَعتَبِرُهم فخره رغم أنه تقاتل مع دبٍ كبير بسببهم ، لكنه لا يأخذ أطفالاً على محمل الجد ، فكيث يُدرك أن فلوك حركهم بالخوف واستمالهم بالأحلامِ الزائفة وهجرهم حين انقضى سِعرُهم وقبَضَ ثَمَنَهُم .
    كان المشتري هو كيث والروح المعنوية هي ما دفعه لشرائهم ورفعها لِرَفعِ قيمتهم ، لقد استغل كيث ما حصل لتطبيق أحدِ الدروس العملية لِما درسوه نظرياً فيما مضى واستغل التطبيق العملي لتذكيرهم بنظريةٍ درسوها وهي " لا أتذكر بأني عَلَمتُكُم التجمد هكذا أمام العمالقة " .
    يُخطئ مَن يَفصِلُ الماضي عن المستقبلِ فبينهما خَيطُ وصلٍ هو الحاضر ، إنَ الأمَمَ القويةَ هي التي نَهَلَت مِنْ عجائزها وطَورَت أفكارَهُم والمندثرةِ هي التي قَطَعَت ذلك الحبل المتصل فقد انتهت في غَوغاءِ أوهامها .
    إنََ رياح التغيير لا تَهِبُ باستئصال الماضي بل بتطويرهِ وما عدا ذلك فكل تَخَلُصٍ مِنَ المخضرمينَ بحجةِ أنهم كبروا على المرحلةِ تستدعي رياحَ التدمير .
    أولئك الفِتيَةُ فقدوا ثِقَتَهُم بهويتهم يوم انسلخوا عن قناعاتهم واتبعوا أحلام اليقظة التي خدرهم بها فلوك ، لقد استيقظوا حين تبعوا كيث ورأوا بأعينهم الحقيقة وأين هو طريق التغيير والفخر ، ذاك الطريق يقبع خلف ذلك المُعَلِمِ وتحتَ رايته .






    إرسال تعليق